عن الاضراب

بلا شك ان اضراب السادس من ابريل قد نجح فى عدة امور فاقت حتى توقعات المتفائلين , لكن احب ان اوضح ان الداعين للاضراب لم يتصوروا يوما ان الاضراب سيشل حركة البلد وتوقف كل مظاهر الحياة , لكن كان املهم ان تشعر الحكومة ان الشعب يغلى وينتظر من يقوده نحو الطريق ومستعد للتجاوب بصورة او بأخرى .

انا لم اشارك فى الاضراب ليس معارضة له او تأييدا للحكومة , لكن لمست فى كلام الناس فى الشارع تجاوبا معنويا كبيرا , فالكل يقول ان اليوم هناك اضراب , الحضور فى المدارس ضعيف جدا وشوارع القاهرة تشهد سيولة مرورية غير عادية فى ساعات الذروة (من السيدة عائشة مرورا بالسيدة زينب ثم التحرير وعبد المنعم رياض والتحرير ومرورا بنقابة المحامين حيث الوقفة الاحتجاجية ) وسيولة مرورية فى هذه المناطق فى الساعة الثانية ظهرا اكبر شهادة على نجاح الدعوة , كما ان اللافت فى رأيى هو توافد المئات من المارة من الشوارع القريبة من نقابة المحامين لمشاهدة وتصوير ما يجرى هناك .

اعتقد ان ما جرى اليوم هو مؤشر حيوى مهم جدا , يدل على ان الشعب قد فاض به الامر , فهذا الشعب الذى تعودنا ان نسمع منه عبارات ( يا عمى سيبك بلا مظاهرات بلا كلام فاضى ) , ( اللى نعرفه احسن من اللى مانعرفوش ) و ( هو احنا هانجيب واحد تانى يسرقنا من اول وجديد ) يتكلم اليوم بعبارات مختلفة تماما , فالحنق والاختناق والرغبة فى اى متنفس مسيطرين على الجميع , والرغبة حقيقية وقوية جدا للتغيير وربما لو استمر النظام فى ممارساته وسياسته سيصل الناس لنقطة الاستعداد الكامل للتضحية من اجل التغيير , ولابد من التعامل مع الاحداث على هذا المستوى , وانا عن نفسى اتمنى الا يعى النظام هذه الرسالة التى وجهها الشعب لحكومته سواء ببقائه فى البيوت او بتعاطفه مع الاضراب وان لم يشارك , لأن النظام لو وعى هذه الرسالة جيدا سيعمل على تدارك بعض النقاط السلبية ويلجأ للمسكنات التى تخدر الناس مدة اخرى اضافية .

اخيرا لفت انتباهى التنازع بين اطراف المعارضة اسلامية وعالمانية وليبرالية ويسارية حول هذا الاضراب , ,وابرز سمات هذا التنازع هو الهجوم على الاخوان لأنهم لم يعلنوا صراحة مشاركتهم فى الاضراب , وبدأت الاتهامات من نوعية ان الاخوان يركبون الموجة ( رغم ان هذه صفة اليساريين بالعموم ) وانهم يتربصون ليعلموا نتائجها حتى يتخذوا القرار المناسب , لكن يبدو ان هؤلاء اعماهم كرههم للاسلاميين عموما كيف ان الاسلاميين وجماعة الاخوان من بينهم يقدمون التضحيات دائما دون انتظار لوضوح رؤى او لتحديد مصائر نزاعات , وعشرات الالاف من المعتقلين الاسلاميين والاحكام العسكرية خير شاهد على ذلك , لكن بلا شك موقف الاخوان المسلمين رمادى وهذا دافعه الاساسى الى ان الدعوة كانت من قوى غير اسلامية بالاساس , وبالتالى مشاركة الاخوان وان وفرت زخما شعبيا فان اليساريين والعالمانيين كطبيعتهم الاقصائية سينسبون النجاح لأنفسهم , ويستبعدون الاسلاميين بالتبعية , فكان هذا الموقف المرحب بهذه الدعوة الايجابية غير المساهم فيها لعدم اقتناعه بدوافعها الفكرية , وانا اسأل سؤالا معاكسا لو ان الاسلاميين هم الذين دعوا لمثل هذا الاضراب تحت شعارات الحالة الاقتصادية او تحت شعار تطبيق الشريعة فماذا سيكون موقف القوى الاخرى ؟ اعتقد ان موقفهم لن يكون رماديا بالمرة بل سيكون حالك السواد .