الأربعاء، 27 فبراير 2008

ذميون لا مواطنون

لا يستغرب الانسان ان رأى التباسا فى المفاهيم لدى عامة الناس فيما يتعلق بمبادىء ةأسس الاسلام , ولك لغياب الوعى الاسلامى المتكامل فى هذا العصر ,لكن ما يثير الاستغراب ان يكون هذا الالتباس حاصلا فى أذهان القائمين على حركات الصحوة الاسلامية , بل و أحد اهمد تياراتها ومن المنظرين للمشروع الاسلامى ككل .
اثناء قراءتى لبرنامج حزب الاخوان المسلمين لفت نظرى موقفهم من الاقليات غير المسلمة فى داخل دار الاسلام , وطرحهم لمبدأ المواطنة كأساس للتعامل بين كل ابناء الشعب مسلمين ومسيحيين , ولا ادرى من اين استمدوا فكرة المواطنة هذه من التشريع الاسلامى , فالاسلام أقر أساسين للتعامل بين افراد المجتمع :
الاول هو الاخوة فى الله , وهذا يشمل كل المسلمين فى المجتمع , وعلى هذا الاساس ترتبت واجبات المسلمين وحقوقهم .
والاساس الثانى هو العهد والذمة , وهو ماينظم علاقة غير المسلمين بالجماعة المسلمة , وكل حق من حقوق أهل الذمة انما مصدره عهدهم مع المسلمين ودخولهم فى ذمتهم , وكل واجب مترتب عليهم كذلك مصدره عهدهم مع المسلمين .
فلا يمكن ان نقول ان هناك مساواة مطلقة فى الحقوق والواجبات بين المسلم وغير المسلم فى المجتمع , لأن الواجبات المترتبة على الفرد المسلم هى واجبات شرعية والحقوق ايضا , فكيف يلزم غير المسلم بما يفرضه الاسلام من واجبات , وكيف يكون له نفس الحقوق ؟
اما المواطنة فلا يمكن تصور موافقتها للاسلام لا على المستوى التعريفى ولا التطبيقى , واستعراض التعريفات المختلفة لمصطلح المواطنة يتضح هذا الامر , فالمواطنة كمفهوم سياسى تعنى (صفة المواطن الذي يتمتع بالحقوق ويلتزم بالواجبات التي يفرضها عليه انتماؤه إلى الوطن ), اما كمصطلح اجتماعى فيتم تعريف المواطنة على انها (بأنها مكانة أو علاقة اجتماعية تقوم بين فرد طبيعي ومجتمع سياسي (دولة) ومن خلال هذه العلاقة يقدم الطرف الأول (المواطن) الولاء، ويتولى الطرف الثاني الحماية، وتتحدد هذه العلاقة بين الفرد والدولة عن طريق أنظمة الحكم القائمة ) , ومن منظور نفسي: فالمواطنة هي الشعور بالانتماء والولاء للوطن وللقيادة السياسية التي هي مصدر الإشباع للحاجات الأساسية وحماية الذات من الأخطار المصيرية
وهذا يعنى بوضوح تقديم الانتماء الوطنى على الانتماء العقيدى , وجعل الكيان الوطنى هو الكيان الاول للانسان , وعليه فالمصرى المسلم ولاؤه لوطنه بحدوده الضيقة منفصلا بداخلها عن كل اخوته فى الايمان خارج هذه الحدود , ولا تقتصر مخالفة مفهوم المواطنة على التعريف فقط بل تمتد للأسس التى قامت عليها , ومن اراد الاستزادة عليه بالدخول على هذا
الرابط .

ولذا واجه واضعوا البرنامج الحزبى للاخوان المسلمين معضلة عند تطبيقهم لمبدأ المواطنة مع التزامهم بالشريعة الاسلامية , فالحاكم شرعا يجب ان يكون مسلما , ولا يجوز ان يلى امر المسلمين كافر , لكن المواطنة تفرض المساواة بين افراد المجتمع الواحد , فحاولوا تبريرها بحجة ان الحاكم يقوم بواجبات ويتخذ قرارات شرعية بالاساس كقرار الحرب مثلا ( وليس لأنه لا ولاية لكافر على مسلم ) , ونحن نسأل بدورنا لماذا يمنع غير المسلم من تولى الرئاسة بهذه الحجة بينما يسمح له بتولى الوزارات المختلفة رغم ان واجبات الوزيرليست الا اداء واجبات شرعية واتخاذ قرارات مستمدة من الشرع ايضا , فوزير المالية مثلا اذا جمع الزكاة انما يؤدى واجبا شرعيا وعند اصداره للقرارات المنظمة لعملية جمع الاموال انما يتقيد بأحكام الشر وكذلك وزير الاقتصاد , ووزير الخارجية ايضا ينفذ سياسة شرعية اسلامية فى مجال تنظيم وادارة العلاقات الخارجية , بل وأى مسئول عن امر من امور المسلمين .
ان محاولة الاخوان المسلمين التوفيق بين أسس الاسلام ومبدأ المواطنة انما هو جمع بين النور والظلمات بين الايمان والكفر وهذا محال , فعليهم ان يراجعوا المفاهيم التى يبنون عليها برنامجهم , وان يتحركوا من اسس ومبادىء الشريعة اثناء وضعهم لتصورهم للمجتمع الاسلامى .
احب ان اوضح ان هذا الخلاف انما هو خلاف فى مسألة تطبيقية مبنية بالاساس على الاتفاق المبدئى على حاكمية الشريعة وفرضية الحل الاسلامى , وكما ان الاخوان طلبوا رأى رجال القانون والاقتصاد والسياسة من كل التيارات حتى تلك التى تخالفهم فى مبدأهم الاساسى , وابدوا استعدادهم لأجراء تعديلات بناءا على ما قد يصلهم من اراء مخالفة , فمن باب اولى ان يستمعوا الى اخوانهم من ابناء التيار الاسلامى , وانا اتكلم كناخب يعطى صوته دائما لمرشحى الاخوان المسلمين فى كل الانتخابات ابتداءا من انتخابات اتحادات الطلاب بالجامعة ( التى كان يتم فيها شطب كل مرشحى الاخوان وبالتالى كنت اقاطعها تضامنا معهم ) وانتهاءا بالانتخابات النيابية الاخيرة .

هناك 11 تعليقًا:

Empress appy يقول...

مش عارفه بس لا تعليق علىالاخوان ولا مبادئهم بجد لانى بصراحه اليومين دول على اخرى من بعض العناصر اللى فيهم اللى معندهومش مبدأ ولا اخلاق وبيقولوا حاجات ويعملوا عكسها
فبلاش انا بصراحه انا كده فهمت وججه نظرى اقرى بوست عامله مدون اسمه الربان
مدونه الربان وانت تعرف راى

مهندس مصري بيحب مصر يقول...

قرأت الموضوع و قرأت التفاصيل اللتي في الرابط
و لكنني كنت قد قرات رأياً فقهياً يقول بأن الجزية مرتبطة بالدفاع عن غير المسلمين
فإذا اشتركوا في الجيش و القتال فلا جزية عليهم

مع استمرار اعتبارهم أيضاً من اهل الذمة
الذين لهم ذمة الله و رسوله ألا يظلموا و لا يهانوا و ان يحكموا بالعدل

دكتور بيطرى يقول...

أخى الكريم هذا الموضوع تكلم فيه د.إبراهيم الزعفرانى فى مدونته من الذاكرة فالرجاء الرجوع إليه وجزاك الله خيرا http://zafarany.blogspot.com

أخى الكريم لقد عملت مدونة جديدة بإسم "الدعوة إلى الله فن وذوق" تتكلم عن فن الحوار ووسائل الإتصال , فأكون سعيدا بمشاركتك وتعليقك وجزاك الله خيرا

مهندس مصري بيحب مصر يقول...

الموضوع الذي يقصده دكتور بيطري
هو هذا
http://zafarany.blogspot.com/2008/01/blog-post_15.html
و قد عثرت عليه و قرأته أيضاً

محمود المصرى يقول...

بسم الله الرحمن الرحيم

الاستاذة آبى

اهلا بحضرتك
بداية انا لا اقصد بهذا الموضوع الهجوم على الاخوان , لكن مجرد ابداء رأى فى مسالة محددة , اما الخلاف الشخصى اعتقد انه المفروض لا ينسحب للمواقف الكلية , يعنى لو حد مضايقك مش معناه ان الاخوان كلهم يبقوا غلط دا موضوع اخر , وبالنسبة لمدونة الربان انا قرأت البوست المقصود وبصراحة لا اتفق مع ما قاله بخصوص تنحى الاخوان المسلمين عن الحياة السياسية كجماعة والاقتصار على الدعوة والدخول للسياسة فى اطار الاحزاب المدنية القائمة , لأن ببساطة كل الاحزاب القائمة لا تمثل التوجه الاسلامى فكلها احزاب عالمانية بنكهات مختلفة , وكلها برأيى الشخصى لا تستحق التأييد والانخراط فيها , ولابد من دخول الاسلاميين كتيار ساسى وفاعل ومستقل فى العمل السياسى .

الباشمهندس

كيف حالك اخى
بالنسبة للرأى الفقهى اللى حضرتك اشرت اليه سليم لكن ليس مطلقا مقيد برضى اهل الذمة اولا واحتياج المسلمين ثانيا تبعا للمصلحة والاهم من ذلك انه ليس الاصل فى التعامل فالجزية هى الاصل ولا يجوز ان نلغى الاصل ونؤصل الطارىء .

دكتور بيطرى

انا دخلت مدونة الدكتور الزعفرانى على الرابط الذى تكرم الباشمهندس بوضعه وقرأت الموضوع ووجدت ببساطة تفريغ للوطنية من مفهومها المعروف , يبقى علشان نقبل الوطنية فلابد ان نرفضها معنى ونقبلها لفظا , يبقى الدكتور الزعفرانى ببساطة رفض ايضا الوطنية , وبالتالى لا حاجة لنا بهذا المفهوم .
ثم ان الانتماء للوطن لا يضيف شىء على الانتماء للدين , فكل معنى محمود لازم لحب الوطن نجده فى الانتماء الدينى .
وبالنسبة لموضوع الاخوة فأنا اعرف نوعين منها , اخوة الدين واخوة الدم , وكل الايات التى تفضل بها الشيخ يوسف القرضاوى انما هى اخوة الدم وليست اخوة وطنية ولا قومية ولا انسانية ولا اى شىء من هذا القبيل الا اذا كان البعض يعتبر ان فرعون وهامان اخوة للرسول صلى الله عليه وسلم فى الانسانية , او ان شارون هو اخو ابو بكر الصديق رضى الله عنه .
وكل انواع الاخوة هذه لا تقدم اى التزامات نتقيد بها , فكل حق وواجب يربطنا بغير المسلم انما مصدرههو تقيدنا بالشرع ولا شىء اخر .
يعنى مش محتاجين اى تعريف او مصطلح او انتماء اخر غير الانتماء للأسلام ودمتم .

خالد حفظي يقول...

أخي الكريم
هذه أول زيارة لمدونتك الكريمة و أن شاء الله لن تكون الأخيرة ... و نصبح (زبائن )
بداية أحييك على هدوء و رزانة تناولك للموضوع
ثانيا : هناك لبس كبير كما تفضلت واقع بين أبناء الحركة الاسلامية عموما في هذه الجزئية .. و لكن أود أم أوضح شيئا هاما و هو أن جمهور الفقهاء على أن الذمة عقد لا وضع ... بمعنى أن صفة الذمية ليست أبدية على أهل الكتاب من اليهود والنصارى , ويمكن في حال اشتراكهم في الجيش - وهو ما يحدث الآن - أن تسقط عنهم الجزية وبالتالي صفة الذمية
جزاكم الله خيرا

محمود المصرى يقول...

بسم الله الرحمن الرحيم

اخى الحبيب وطنى

اهلا بك فى المدونة شرفتنا الزيارة وان شاء الله لا تكون الاخيرة

يا اخى الكريم غير المسلمين على ثلاثة اصناف محارب ومعاهد وذمى , فأى كافر يقيم فى دار الاسلام يكون ذميا , والجزية هى احد اجزاء العهد الذى بمقتضاه دخلوا فى ذمة المسلمين , وممكن استبدالها بالاشتراك فى الجيش بشروط , من بينها الا يكونوا مجبرين على ذلك كما هو الحال الان , وسقوط الجزية عنهم لأشتراكهم فى الجيش او لعجزهم عن تأديتها لا يسقط عنهم صفة الذمية , يظلوا فى ذمة المسلمين مالم ينقضوا العهد .
لكن لا يمكن بأى حال من الاحوال مساواة المسلم بغير المسلم فى الحقوق والواجبات للأسباب التى بسطتها فى الموضوع .
احب اوضح ان كلمة ذمى مش شتيمة , معناها انه داخل فى كنف المسلمين وذمتهم , يعنى المسلمين مسئولين عنه .

Empress appy يقول...

انا معاك مش كل الاخوان
اما بخصوص الانخراط فى السياسه فاحنا قولنا هو مش مقصود الاخوان بس هو اتكلم عن حماس كمان
بس لما هو كده الاخوان عملوا حزب العمل ليه ومتقوليش مش تبع الاخوان

محمود المصرى يقول...

بسم الله الرحمن الرحيم

بصراحة يا استاذة ابى انا مضطر اقول ان حزب العمل مش تبع الاخوان فعلا , وتم تأسيسه ايام السادات بقيادة الاستاذ ابراهيم شكرى , ولم يكن للاخوان علاقة به فى مرحلة التأسيس , لكن حدث بعد ذلك تحالف بين الاخوان والحزب فى انتخابات 1987 واشترك معاهم حزب الاحرار ايضا فيما عرف بالتحالف الاسلامى , وبعد ذلك قامت الحكومة باثارة الخلافات الداخلية فى الحزب حتى تم تجميده .

غير معرف يقول...

يا نهار اسود

ربنا معاك يا عزيزي


أحمد

محمود المصرى يقول...

بسم الله الرحمن الرحيم

طيب النهار اسود ليه بس يا اخ احمد ؟
شرفت المدونة